مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج منارات مقدسية: منارات مقدسية - 299- المدرسة السلامية أو الموصلية           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 91- فضل الصبر - الشيخ عبدالرحمن فودة           برنامج السيرة النبوية: السيرة - د. طارق سويدان - 017 - نزول الوحي           برنامج خواطر إيمانية: خواطر إيمانية - 263- الفرج بعد الشدة - الشيخ محمد ماهر مسودة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 482 - سورة الانعام 132 - 134           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم - ومن يتوكل على الله فهو حسبه - د.سعد البريك         

الشيخ/

New Page 1

     سنن / هدي / أذكار

New Page 1

هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض

28/04/2011 14:04:00

إذا كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه ، مما يسهم في تقوية الروابط بينهما .
لهذا السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم ، بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض )رواهالبخاري .
وقد عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه ، فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :( من أتى أخاه المسلم عائدا، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح )رواهابن ماجة ، وقوله :( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلاً )رواهالترمذي ، وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي )رواهالترمذي .
والأخبار في زيارة النبي – صلى الله عليه وسلم -  للمرضى كثيرة ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتفقّد أحوال أصحابه ويسأل عنهم ، ويطمئن على صحّتهم ، ويشملهم بالرعاية ، ومن أولئكسعد بن أبي وقاص ، و زيد بن الأرقم ، و جابر بن عبد الله ، رضي الله عنهم أجمعين .
ولم تكن زياراته - صلى الله عليه وسلم - مقتصرة على أصحابه الذين آمنوا به ، بل امتدت لتشمل غير المؤمنين طمعاً في هدايتهم ، كما فعل مع الغلام اليهودي الذي كان يعمل عنده خادماً ، فقد مرض الغلام مرضاً شديداً ، فظلّ النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره ويتعاهده ، حتى إذا شارف على الموت عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه متسائلاً ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :( الحمد لله الذي أنقذه من النار )رواهالبخاري .
وتطلعنا سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – على هديه النبوي في زيارة المرضى ، فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه ، وتلبية رغباته واحتياجاته ، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما ، ودعوته للإسلام إن كان غير ذلك ، ومن دعائه ما ذكرته   عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليهوسلم - كان يقول إذا أتى مريضا :   متفق عليه .( أذهبِ البأس ، رب الناس ، اشفِ وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما )
وإذا احتاج المريض إلى رقية بادر عليه الصلاة والسلام إليها ، فعنعائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض :( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا )متفق عليه ، وربما صبّ على بعضهم من ماء وضوئه المبارك فيشفى بإذن الله ، كما فعل مع جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
ومن السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى ، تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى ، للتخفيف من معاناتهم ، وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر ، ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله عليه وسلم – :( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة ) رواهابن ماجة ، وقوله :( ما من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده ، إلا قال الله عز وجل للملك : " اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " ، فإن شفاه الله غسله وطهّره ، وإن قبضه غفر له ورحمه )رواهأحمد ، وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارةأم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها ، فقال لها :( لا تسّبي الحمى ؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد )رواهمسلم .
ومن ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات المختلفة التي يعرفها ، كالحثّ على الحجامة ، ووضع الماء البارد على المحموم ، والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء ، وغير ذلك من العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - :( يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً )رواهالترمذي .
ولم يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام ، فمرّةً يذكّر بحق الأقرباء في الإرث وينهى عن الوصية بما يزيد عن الثلث – كما فعل معسعد بن أبي وقاص - ، ومرة يشير إلى أهمية اجتماع الخوف والرجاء في مرض الموت كما حصل عند احتضار أحد الصحابة ، وثالثة ينهى عن تمنّي الموت وضرورة الاستعداد للقاء الله كما رواهأنس بن مالك رضي الله عنه .
وهكذا ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم ، لعل مغاليق القلوب تفتح أبوابها للهدى والحق .
 
منقول من موقع الشبكة الإسلامية
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب